يوميات علوب ...154 .....عيون ( سكينة )
اليومين ديل حلتنا ريحتا رمضان رمضان عبارة عن صاج وأبري....!! شوف رمضان دا حلو كيف تشم ريحتو قبل ما يجي ....!!يوصل بالسلامة إن شاءالله..
غير أني المح غمامة غلاء وندرة وعوز ترخي بظلالها كثيفة هذه المرة مايجعل المزاج العام لايخلو من ضباب وعتمة ....!! والحلة غبشا ومكدر طينا ...
والناس أهو ماشه بس ..ودافرا لي قدام ...وقودها (اليقين ) في وقت عز فيه الغاز و( البنزين ) .....
صادفت في هذا الصباح عمك ( الخير ) واحد من أعمدة الحلة وناسا القديمين يترجل الطريق ...بس ماياهو (الخير ) البعرفو ...جيت عليهو وبعد السلام ...قلتا لي مالك ياعم الخير مشيتك فترانة كدا
عاين لي وفِي نظرته حيرة ورجاء و إن كان يبدي بعض التماسك .....!!
قلتا لي في شنو ...!!؟؟
قال لي هو ( الفي ) شنو .....!! قول لي حاجه واحده ( في ) ياعلوب ....
انا يا إبني عشرين سنة ماحصل وصلت بي الحالة إني أقيف عاجز عن توفير حاجات البيت ورمضان داخل علينا ......!!
بتصدق ياعلوب ماقادر أجيب ( سكر ) بس ..خليك من أي حاجة تاني ....ولدي ( معاوية ) قاعد في السعودية دا الشهر الخامس بدون شغل ورغم دا ياعلوب كان برسل ليهو مصاريف قال بسوق مرات حاجه زي ( ترحال) دي ...!! ومنعوهم منها .....مسكين هسا لو صرف علي نفسو بكون ماقصر ....قاعد هناك علي أمل وظيفة جديدة .....الله كريم
وبراك شايف أهو البنات قاعدات في البيت ...الصغيرة
( إلهام ) دي بعد ما اشتغلت في ( زين ) وقلنا خير ..رجعو قالو ليها ما حنقدر نثبتك تمشي وتجينا تاني ...(وعبد الرحمن ) ياهو داك مع الجامعة بتصدق ماعارفو بصرف علي نفسو من وين ...!!
وانا بعد خدمتي دي كلها يشهد الله المعاش ( قفة ) ما بجيبا لي ......!! المابخليني مهموم شنو ياعلوب الحمل تقيل ....!!والصبر قليل ...وقلة الحيلة صعبة ياولدي الله لاضوقا حبيب ....!!
أربكني الرجل في هذا الصباح القاتم ...وبعثر كل حساباتي ...
قلتا ليهو تعرف ياعم ( الخير ) الحالة دي عامة ...!!! قلتا أدخلو مع الجماعةً لتقل درجة الإصطدام ....!!
لكن يبدو أن جرحة أعمق ....!!
قال لي دا كلو مقدور عليهو ياعلوب يا إبني ...
مافي زول كتلو الجوع ...بس أنا متألم وموجوع علي أم الوليدات خالتك ( سكينة ) دي ....!! قلتا ليهو خير مالا ...!! قال لي ليها سنة مفروض تعمل عملية الموية البيضا في عيونا وعندها مشكلةً في القرنية ....نشيل ونأجل فيها ......رغم إنو الدكتور قال لازم وبي سرعة وإلا حالتا حتتدهور ....!!! ونحنا في بكره وبعد بكرة في درب المعيشة والمصاريف ...!! كل ما اسألا أقول ليها كيف إن شاءالله احسن ......!! تخاطبني ( الرقيقة ) بأنها قادرة علي أن ( تنضم ) الخيت في ( الإبرة ) .....!! فهي تري ان هناك أولويات تتعلق بالأولاد وقرايتم أهما منها كما هو حالها علي الدوام ..... فيطمئن قلبي قليلا ....!! حتي جاء هذا الصباح وانكشف المستور ... تعثرت ( سكينة ) بالكرسي الذي أمامها ووقعت من طولا ....نطيت أنا ياعلوب زي الصبي ورفعتها من الواطا ...قلتا ليها مالك ياسكينة طمنيني ....!! لم تكن لتداري هذه المرة وتخفي الحقيقة ولعلها الخيار الأفضل لتبرير وقوعها من سبب اخر ....واعترفت لي إنها ماكانت شايفا الكرسي كويس ...!!!!! فبكيت ....
(سكينة ) دي مما اتزوجتها ياعلوب ما بتذكر قصرت في حقي يوم ....!!! أقع هي البترفعني ...!! ولما أقوم هي البتسندني ...!! مافي زول بخفف عني غيرا ....ولا في زول بشيل همي بلاها .....!! رفيقة دربي .....وحبيبة قساي .. مرا عظيمة زي دي نخليها بالحالة دي لما تقع ياعلوب ....!!أريتني كان وقعتا أنا ... .....وبكي ( الخير ) من جديد ....!! يقشقش في دميعاتو بي كم جلابتو ..بكاني معاهو ....!! وهو يردد كلو ولا سكينة ياعلوب ....!! كلو ولا ( سكينة ) ......!!
وما أغلي دموع الرجال ...!!
هزمني الرجل في هذا الصباح .. ورأيت الوجه الاخر لنهار المدينة المتصدع .....!!
تركته ومضيت وليس في مخيلتي سوي صورة الخالة ( سكينة ) أطيب نساء الحلة ....وأكثرهن بركة ....وأنا
أعني ما أقول ....!!
بتصدقو ( سكينة ) دي هوايتا الاساسية هي ( الصدقة )
( بالجد بكلمكم ) المرا دي مما شفتها يدها طالقا ...ما بترد زول ..!!والعندها ما حقها ....!! ناس ( الكجم ) بعرفو المعلومة دي ...سامنها ( سكينة الحنينة ) أوا هناك أرفع ...!!
( دا اعتراف اكثر مصداقية من ( الأمم المتحدة )
ياخ دي بتخت باقي الأكل في كيس بتعلقو في شجره قدام بيتم ليأخذه صاحب النصيب دون من وأذي ......!!!
أي تحليق هذا يا امرأة ...!!! ومن علمك ذلك أيتها الكبيرة ....!!
صورتها لم تفارق ذهني الْيَوْمَ ...وكل ما أتذكر اصطدامها بالكرسي دون أن تراه أشعر بشيء من الضيق و الألم ...!!!
ولكن ما العمل ...!!؟ وكيف التصرف ..!! والمساحات تضيق حيث لاضوء في نهاية النفق ...!!
تذكرت قصة سيدنا موسي وقد وجد نفسه في مربع لايرحم ....!! البحر أمامه وفرعون من خلفه
ولايوجد أبدا ما يدعو حتي لبصيص أمل وشيء من رجاء ...!!وبحسابات الدنيا فمعركته خاسرة لامناص ....!!
لكنه لم يستسلم أو يخور واتصل بالسماء ورهانه علي الكبير ونعم الخبير..... ولا عاصم الْيَوْمَ الا الله
( قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فجاء المدد الرباني
متدفقا وردت السماء عجلي (أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ) .....
الله ....الله ....ياالله .... امتلات نفسي وروحي وعدا ورجاء
فمضيت وليس في ذهني إلا عصا موسي وعيون سكينة .....!!
وبعض من أمل
اللهم انزل علينا سكينتك ولطفك ........اااا
بديت أراجع في راسي ناس بعرفم عندهم علاقة بالموضوع ......!!
ايوااااا اتذكرتا
كان عندنا زميلتنا اسمها ( نجوي ) شغالة في السلاح الطبي بتاعة بصريات ....!! سبحان الله لاقيتا قريب دا في عرس زميلتنا .....!! وطوالي انطلقتا علي هناك ماكان عندي رقما ...المهم لاقيتا واستقبلتني أجمل إستقبال ...حكيت ليها الحاصل ...فصعقت لهول المفاجاة ...عرفتا منها إنو في فريق طبي من الاْردن بعمل عمليات للعيون وبالمجان تابعين لي جمعية كدا .....!! با الهي ماالذي يحدث ....!!!!!
بس الأخبار غير السارة إنو التسجيل إنتهي قبل مدة ولاتوجد فرص ...قلتا لي ( نجوي ) لازم نحاول ..... قالت لي هي محاولة صعبة طبعا لأنو مافي زول بفرط في فرصة زي دي ....!!لكن مالو ..!!خلينا نحاول ...!!
فعلا إتصلت عليهم وهي اصلا بتعرفم ...وللاسف ام يكن هناك حتي بصيص أمل .....!! وسيغادر الفريق في موعده المحدد ...الخميس المقبل ....!!
لم أخف إحباطي ...وبدأت أفكر في البدائل وتكلفة العملية اذا أردنا اجرائها بشكل رسمي .....!!
ولكن من أين لنا بذلك ....وعم ( الخير ) يبحث عن سكر رمضان ....
جيت عليهم في البيت العصرية قلتا شوية ارفع معنوياتم
لقيت عمك ( بورق ) في الخدرة مع ( سكينة ) فابتسمت لهذا البهاء ...!! وكعادتها رحبت بي الخالة ( سكينة) أيما ترحيب وابتسامتها تعلو كل الجراح في سمو وتسامي ...لايقدر علبه إالا الكبار ....
وسارعت بمنحي الخيارات في الإكرام ...وبدأت بالطعام
ودعتني بكل ثقة أن تعد لي وجبة ( غداء ) فاعتذرت وهي تُلِّح الحاحا صدوق ....وانتقلت بعد رفضي لسؤالي
شاي أم القهوة....وجبرا لخاطرها طلبت الشاي فأسرعت
( الشفيفة ) لإعداده وبخفة تحسد عليها...!! ولولا ثقتي في عمك ! الخير ) لقلت ان الرجل أخفق في وصف حالتها ....
احضرت لي الشاي ...وصلت ( العصر ) حاضرا وانضمت إلينا من جديد تستفسرني عن الأحوال ....!! ولما انتقلت بها للسؤال عن حالها ..!! كان الحمد حاضرا ولم تكتف بذلك ..بل أردفته بالثناء ...
(هذا مايعرف بالعبور )
ليك حق يا ( الخير ) تقول عليها مرا عظيمة ...فهي كذلك ...!! لم تلمح لي مجرد تلميح أن هناك ثمة ما يعكر الصفو ....ويكدر الخاطر .....
أهدتني ( سكينة ) السرور ...!! وادخلت في نفسي طمأنينة وحبور ...فودعتهم علي أمل لقاء ......
واصلت اتصالاتي للحصول علي عرض مناسب للعملية في سباق مع الزمن
وبعض المستشفيات تتعامل معك بشيء من الغلظة واللاانسانية وعدم الشعور ...كأنك تريد شراء بضاعة ... !! لا ادري مالذي تغير فينا ....ومالذي حدث !!؟؟
فقد بعضنا الكثير من قيمه ونبلة وحتي إنسانيته ...
هذه الأشياء إن ذهبت لاتعود .....لطفك يارب
رِن هاتفي صباحا تطلعت فيه .....وقرأت المتصل
(نجوي السلاح الطبي ...) ( اسمها مسجل كدا في موبايلي ...)
خير ان شاءالله ....!!
فتحت الخط واذ هي علي الطرف الاخر .....آلو ....علوب كيفك ...اهلا يا نجوي تمام ....كيف إنتي ..!!؟ لم تسترسل كثيرا وبشكل مباشر تساءلت ..
قالت لي إنتا المرا الكان كلمتني عنها قبل كم يوم إسمها بالكامل منو .....!!!
من هول المفاجاة قلتا ليها المرا ياتا ...!!؟؟ قالت لي المرا ياخ العايزا تعمل عملية عيون ..!! وقلتا بتهمك شديد ....
قلتا ليها أيوا .... أيوا .....سكينة ...!! سكينة اسماعيل ...خير مالا ....!!؟؟
قالت لي في واحدة من الناس المسجلين للعملية ديل .....ولدا ساقا السعودية كان عندها مشكلة فيزا واتحلت ....الجماعة اتصلو بي قالو ممكن نسجل ( سكينة ) محلها .....!!!
قفلت الخط ...وسجدت في مكاني ....!!!!
فالإشارات اكبر من استيعابي ....و القصة تتجاوز الإحلال و الإبدال .........!! لقد تدخلت السماء ...
عاودت الإتصال بي (نجوي ) من جديد معتذرا عن ضعف في الشبكة ...( كما ادعيت ) بيد أني لم أري قريبا قوة في الإرسال والشبكات كتلك التي رأيتها الان بين
السماء و الارض .....
يا الله...!! كم أنت رحيم وعظيم وكبير ....الحمد لله
انطلقت مسرعا لي بيت ناس ا(الخير ) دقيت الباب ولم انتظر كثيرا وتوووشك انقشطا في الحوش .....لقيت عمك بزقي ليهو في شتلات ...وسكينة الرصينة بين يدي الله واقفة تصلي ...رأيت فيها شموخ كل الدنيا وعرفت الان سر قوة الشبكة ولماذا ردت السماء ....فالسكينة تحرص علي شراء الرصيد ....
كلمت (الخير ) بالخبر السعيد ....رمي الخرطوش من يده وامتلأت عيناه بالدموع وهو يردد الحمد والشكر ......
جري جري علي ( سكينة ) وكاد أن يحملها من فوق الأرض بين ذراعية ... خلاص ياسكينة حنعمل العملية .....ولأنها ست الوجعة وتعرف حجم معاناتها خرت ساجدة من جديد ...
بتها الكبيرة ( إقبال ) جات مارقة من جوه لما سمعت الجوطة ..وما أن علمت بالخبر ...بكت حتي ( النخيج ) وهي الأقرب لأمها ... ....( البت الكبيرة دايما حنينة وحنانا زايد ) ياحليلا حضنت أمها شديد وكادت ان تبتلعها وهي تقبلها بحب وشغف ودموع .....!!
تم تحديد( الثلاثاء ) موعدا للعملية وكلنا كنا حضور
معاي مشاعر والحجة ...واستغرقت العملية زهاء الساعة ونصف الساعة ..خرجت بعدها( سكينة ) طيبة معافاة حتي ان الطبيب ألمح لسهولة العملية ....
قلتا لي عمك ( الخير ) أها ( السكر ) كيف قال لي السكر يطير ...!! طعم ( السكر ) هو عملية ( سكينة ) دي ياعلوب الباقي هين ....!! الله يحفظك لينا
إنها الدنيا فحدود رؤيتنا لايتجاوز مدي معين ....
لذلك ينبغي دوما ان نرفع الأمر للسميع البصير
فعنده المشهد كاملا وهو الكمال ...
فعلتها سكينة وكان رد السماء حاضرا ...
صدقيني يا أم ( معاوية ) الكيس الذي تعلقيه علي الشجرة ليأكل منه عابر السبيل هو من علقك بعرش الرحمن فكانت الإستجابة وصبر جميل ...!!
قالو دعيتي لي ...!!! وهي اجمل هدية اتلقاها قريبا
سلامات ايتها الوضيئة .... لقد منحتينا السكينة والضياء ....تسلم عيونك ...وماتشوفي شر