يوميات علوب
( الحاوي )...!!
زمان في المدرسة كان معانا واحد إسمو ( أحمد سعيد )
الزول دا وكأنه قادم من الجنة وسيعود إليها ...!!
لم نشهد له أي ممسك وتجاوز ولم نسجل عليه أي مخالفة .......!!
( أحمد سعيد مختار ) .....!! دا إسمو بالكامل
وكان يحاكي إسمه بالنص ....!!
محموداً بين زملائه ....سعيداً ومختار ......!!
كان لما يضحك بخت يدو في خشو
( أدب ساكت كدا بس ) ... ( ومين علمك يا فراش .......!!!! )
ورغم زيه الواحد لكن أحمد كان نضيف شديد ...!!
( عشان كدا السلوك ماعندو علاقة بالحالة المادية )
لم يكن يثرثر ...ومابحب الكلام الكثير ....لكنه لم يكن ليبدي ضجرًا من حديث الآخرين وحتى( جوطتم ) ....!!
كان بتكيف لي شديد ...أنا وهو أصحاب ...بنفطر سوا ...وبنمشي مع بعض ...!! وبتونس معاي أكتر من الباقين ....!!
يوم كدا سألتو من غير مناسبة ...!! قلت ليهو إنتا يا أحمد لما تكبر داير تبقى شنو .....!!؟؟
كان بياكل ليهو في سندوتش .....وقف الأكل....وقال لي .... ( حاوي ) ....!
ضحكت ضحك أنا... فقد فاجئتني الإجابة....
وهو ما قالا لي بي ضحك كدا ....قالا بكل ثقة وجدية
ولأنو هو زول لطيف ...ما حبيت أحرجو وأقول ليه دي أمنية شنو ( الجعانة ) دي ...!!
لكن فجاة ربطتا بين أمنيه ( السعيد ) والحاوي الجانا في المدرسة قبلها بأسبوعين وقد حشدنا له من الإستعداد ما حشدنا ...وكلفنا مالاً ....!!
فقد فرضت رسوم على من أراد أن يحضر العرض ....!!!
وطلع ( حاوي ) تعبان شديد جا يتعلم فينا بس ...!
حتى أن إشاعة سرت في المدرسة وهمهمة بين الطلاب إنو هو صاحب ( أستاذ السر ) وجابو لأنو يمر بازمة مالية وضارباهو فلسة ....!! ( الحاوي ما أستاذ السر ) ....!!
لأنو حتى الحركة الأشهر عند ( الحاوي ) بتاعة الأرنب والطاقية ديك فشلت ....!!
والأرنب شرد ...والمدرسة كلها ساكاهو ....
في فضيحة يندى لها الجبين الإنساني ويندد بها الحواة
المهم عمل لينا بعدها حركتين كل واحدة أفشل من التانيه .. ولفح قروشنا وفات ...!!
فلم أجد في هذه ( الحفلة ) ما يغري صديقي بالشراء
واختيار هذه ( الأمنية ) ...!
.!! لكن غايتو بلعتها وسكتا ...!! فمثل ( أحمد ) لا تجرؤ على إحراجه فالفتى عبارة عن نسمة تمشي على قدمين ...!!
على النقيض منه تجد ( التريس ) زميلنا الآخر في الفصل
وقد كان من سكان أسفل المدينة ( كنبة ورا )
أها ديل عندهم ( كشتينة ) عديل كدا بلعبوها في الفسحة بس ما ما متأكد ( مطعمة ) ولا ساكت ....
وإذا كنت تبحث عن شاكوش ولا مسمار ولا مفك
أو حتى ( دوم ) فاقصد هؤلاء القوم تجد مايسرك ...!!
( سوق عديل كدا ورا )( لسنا الأفضل ولكننا الوحيدين ) .....!!
والدخول إلى هناك إلا بي ( فيزا ) خوفاً من تسلل بعض الزملاء ذوي الخشوم الخفيفة وممكن يكلموا الإدارة
بهذه التجاوزات ....!!!
و ( التريس ) دا أشفت طالب عرفته الوزارة ....!!
بشرد من حصة الرياضيات ...!!
وبركز للجلد كأنو في حفلة عند أهلنا الجعليين ..!!
لما يتجلد في الفصل ناس الكنبة الأولى بتألمو أكتر منو .....!!
وله هيبة وسط طلاب الصفوف القبلنا أكتر من ( الناظر )
لكنه لم يكن ليستغلها ولم يكن مفرطاً في استخدام القوة ما جعله حكيماً في أنظارنا ....!!
ومحل تقدير ...
وفي المنتصف كان معانا ( جمال ) ( كل الجمال ياخ )
بقولو ليهو ( جمال ورقة ) ...!!ماعارف ليه ....!!
قالو لأنو جراي في الكورة.....!!
له ضحكة مميزة وملامح فيها من الطيبة والمحبة والنقاء ما يكفي المدينة ...!!
الأهم من دا كلو إنو ( جمال ) بعد الحصة الأخيرة في المدرسة كان بمشي يواصل مع في أبوهو في ( الجزر ) ( أبوهو جزار هناك ) ...!!
بقلع قميصو وبلبس هدوم الشغل ويقطع في اللحمة ويسند والده بكل علو وشموخ ...!!
وهو ذاتو ما محل كبير ..طربيزة صغيرة كدا في ركن قصي داخل ( المقصب ) يحمل لهم الرزق الحلال الذي يأتي مباركاً من السماء ...!!
( الرزق دا كمان لما ينكشح بدخل جوه الشقوق )
( جمال ) دا كان بجيب لحمة لي عمك ( عثمان ) الغفير بتاع مدرستنا وقد كان يسكن في المدرسة نفسها مع أولادو ....!!
غايتو جنس ( جمال ) ....!!
مره أستاذ ( بكري ) قال لي عمك عثمان دا أمشي أقطع لي نيمة جيبا لي ...!!
كان ناوي يجلد بيها بعض الطلاب البجو متأخرين ..( وكان من بينهم جمال ....) ...
عم عثمان ذهب ولم يعد رغم علمه بمآلات ذلك متأثرًا بجراحه ...!!
ولما أستاذ بكري عرف القصة مشي باسو في راسو ....!!
( عم عثمان لم يأت بالسوط لمن يأتيه بالقوت )
وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ....!!
وهو أستاذ( بكري ) دا ذاتو كان حبيبنا ياخ كان بخاف علينا زي أخونا الكبير كان أبو فصلنا ..بنقط الرياضيات دي زي ماقال الكتاب ...ولما نكون لاعبين كورة مع فصل تاني بنطط زي الشفع لما نجيب قون ...
ورغم النيمة ...فقد كان اشبه بالغيمة .... !!
وقد كان يستخدمها ملوحاً برفق ...وعلى مضض ...!!
....
أها عندنا ود ( بايخ ) كدا ....ولا يزال ...!! أنا قلتا ولايزال دي لأنو كثيراً ما اقرأ تعليقاته علي ( الفيس ) حتى الان ومافيها من تجاوزات مخلة ...!!
( القصة دي غالباً بتكون بداياتا من بدري ) ....!!
المهم الزول دا إسمو ( صديق ) ....!! ( صديق كيف وعلى شنو ماعارف )
أها ( صديق ) دا كان بقرا معانا وقال لي ( جمال ) أياما ديك .. يا ( طايوقة ) .....!!!
( في إشارة لي عمل جمال مع أبوهو في الجزارة ) ..!
و أراد أن يثبت عليه هذا اللقب البائس بؤسه ...!!
يازووول عملنا ليك ليهو عزل أقوى من عزل كورونا دا ذاتو ....
وشجبنا بأقسى العبارات هذا السلوك الرخيص حتى طلب العفو والسماح ....!!
ولم يمكن لجمال أن يرد سوى بضحكته العذبة تلك ... ومرتين ...عندما وصفه بذلك ...وبعد تنفيذ العقوبة و العزلة الدولية على الجاني ....!
( أها دا إسمو سمو الروح )
( نوع ناس جمال ديل المدد بجيهم من فوق مباشر )
هذه الشخصيات لا تزال عالقة في مخيلتي لانها كانت تحمل شيئاً في دواخلها والمحيا وكثير من التفاصيل ....!!
المهم في الموضوع وأنا في شارع الدكاتره قبل يومين
استوقفتني لافتة كبيره مكتوب فيها بالخط العريض ...!!
( دكتور أحمد سعيد مختار ) ...!!
براي كدا قلت في نفسي بالله شوف الإسم دا مطابق كيف لذلك الصديق القديم والذي افترقنا لسنوات ولم أكن اعرف له وجهة أو خبر ...!!
لا أدري مالذي دفعني للسؤال أكثر عن هذا الطبيب
بتتخيلو إنو طلع دا ياهو ذاتو أحمد صاحبي الزمان داك
وأنا بين مصدق ومكذب ...!!
( إنها الدنيا عندما تتسع لتضيق ) ....!!
وقررت أعمل ليهو مفاجَأة... !!!
وفعلاً دخلت سجلتا إسمي في كشف العيانين واتحكرتا في نصهم قعدتا ...!!
العمارة قديمة شوية كدا لكن العيادة نضيفة شديد ومرتبة ....فتأكدت أنه هو ....!!
وانتظرتا لما جا دوري ...ندهو إسمي ودخلوني ليهو ...!!
عرفته على الفور وقد بدا بذات الحسن والملامح ...!!
زولك ما ركز معاي كان بكتب ليه في حاجات كدا قدامو
رمقني بنظرة خاطفة ...
وقال لي إتفضل اقعد ...
وأنا ومنذ تلك السنوات قد تغيرت ملامحي قليلا ....!!
وما اتغيرتا أنا.....!!
قال لي خير مالك بتشتكي من شنو ..؟
قلت ليه أبدا ....!! مشتاق بس ..!!!
انتبه شويه وجنبو نضارة نظر كدا لبسا وعاين لي بي استغراب ...!! قال لي نعم ...!؟؟
قلت ليهو مشتاقين ...
دقق فيا النظر متأملاً ...
ولم أعطه فرصه طوالي قلتا ليهو أيوا ( علوب ) .....!!
نط ( السعيد ) من مقعده واحتضنني بقوة وأوشك أن يبكي ....!!
ودخلنا في سلام طويل وعناق صدوق ....وأشواق وسؤال
ذكريات وشجن ....!!
وباركت له كل هذه النجاحات ...
وعرفتا إنو كان قد انتقل مع والدته إلى قريتهم المتاخمة لدامر المجذوب بعد وفاة والده ولم يكن ليقو على المواصلة لضيق ذات اليد وعدم وجود معيل فقد كان أكبر أخوانه فانتقل وواصل من هناك ...!!
وبقى دكتور ...!!
غايتو كان ليه مراد يشيلني من الواطة دي ...
وكل مره يسألني بالله كيف ياعلوب ياسلااام ياخ ...!!الأهل كيف ياعلوب ...!! ولسا في حركاتك ديك
هو النوع البسألك عن كل تفاصيلك داك
وبي حب ...
لطيف جنس لطافة الزول دا ....!!
وبيننا عشرة وحكاوي ...ورمال .......!!
طمأنته على حالي وقلت ليه غايتو سلامة كبيرة الما بقيت ( حاوي ) ...!!
ضحك (المختار ) من أعماقه ...قال لي إنتا لسا فاكر ...!!
أخد ليهو سرحة كدا قال لي تعرف ياعلوب أنا يومها ليه قلت ليك عايز ابقي حاوي ...!!
( جرا ليهو نفس طويييل وعميق ) ....!
قال لي الأيام ديك يا علوب الوالد دا الله يرحمو كان طريح الفراش ...عيان شديد وما عرفنا ليه علاج ... واتأزمتا جداً وأنا شايفو قدامي وكل يوم صحتو في النازل وأنا ما قادر اعمل حاجه ....!!
لا قادرين نسفرو محل ..لا قادرين نعمل حاجه وإنتا براك كنت عارف الحال ...
عندنا جارنا كدا مساعد طبي كل يوم يجي يشوفو يقول لينا بتحسن .....بتحسن ... لما مات ....!
عشان كدا أنا قلت ليك عايز أبقى ( حاوي ) ....!!
كنت بتخيل إنو ( الحاوي ) دا ( ساحر ) بعمل أي حاجه
واخد ليهو ضحكة كدا قال لي رغم فشل صاحبنا داك لكن مجرد الفكرة والأمل ....!!
كنت عايز أبقى حاوي عشان أعالج أبوي ياعلوب..!!
( ألجمني ( المختار ) يوم أن سألته حينها ....واليوم ....
وبينهما سنوات ) ...!!
حضنته من جديد وحمدت ربي أنني لم أتفوه وقتها بأي تعليق يخدش حياء هذا النبيل ....!!
وها أنت اليوم ياصديقي أكبر حاوي ..وبالتخصص ..وتعالج كل الناس .....!!
قلت ليهو وأرنبك راكز كمان يا معلم ...ما بشرد ...
وانفقعنا ليك بالقرقرابة ....!!
وضحكنا ضحك طفلين معًا ......!!
( لسا أبو حميد بخت يدو في خشمو لما يضحك ....)
يا لجمالك ...!!
عرفت بعدها إنو ( السعيد ) مخصص يوم في عيادتو لعلاج كبار السن ..وبالمجان ...إكراماً لوالده الذي يحق له أن يرقد الآن بسلام وقد أنجب هذا (الساحر ) ....!!
أي خطوة قادتني إليك يا المبروك ...!!؟؟
( وكبرت كراعي من الفرح ...)
تري أين هو ( التريس ) ....!!!؟؟ وماذا فعل الله بجمال .....!!!وسلام عليك أستاذنا ( بكري ) في العالمين ....!!
والله السودان دا ذاتو داير ليهو حاوي ....!!
لقد صنعت يومي أيها السعيد ....!!
كانت لنا أيام
